فكل أم في هذا الوطن فخورة بأبنائها , فخر أي أم بفلذات أكبادها ,
أما أنت , وزوجك , وأبنائك , فخر كل قلب حرٍّ , من أقصى هذا البلد الجريح إلى أقصاه،
فخر لكل فتى حر، وفتاة حرة, يتمنى كلا منهما أن
يحييك ويترك على جبهتك , ويدك قبلة احترام , وإجلال , وإكبار , وحب , وشكر , وامتنان , وعرفان،
لإنك لم تكوني ككل الأمهات !!
لإنك لم تنجبي من يحيا لذاته , ويموت لذاته ,
بل أنت من الفريدات , والتي أنجبت من يحيا لغيره , ويموت لغيره ,
ليحيا الوطن , ولتزهر الحرية في أرضه , والبسمة في مستقبل أطفاله ,
اليوم وحدك أيتها الرضية تختالين بشموخ وبجدارة !!
وينبض قلبك مطمئناً على فرح أبدي يعيش فيه أبنائك وهم أحياء عند ربهم , ينعمون بما لا عين رأت , ولا أذن سمعت،
ويتمنون لو يعودون إلى الدنيا فيستشهدون , ثم يعودون فيستشهدون , ثم يعودون فيستشهدون ,
اليوم وحدك أيتها الأبية تختالين بشموخ وبجدارة ,
فبينما كل حر في هذه الأرض النازفة يعاني من سياط ضميره , ويهرب من عيون المكلومين , والمعذبين , واللاجئين ,
ويشعر إن آهاتهم تملأ رأسه , وتلاحقه على وسادته , لتحرم عينيه المنام ,
وحدك تطلقين زفرة ارتياح , وترفعين رأسك نحو الشمس , بعزة ، وشموخ ، أن غرستِ في تراب هذه الأرض بذور أمل , وشعاع حرية ,
وطبعتِ على جبينها بصمة حمراء ,
تسطرين بها فصلاً في سفر تاريخها القادم!
في كل يوم، وكل أم تتماهى مع فلذات أكبادها ، حباً وعشقاً،
ولكن كل ذرة تراب في هذه الأرض , وكل قلب ينبض بالحرية يتماهى معك أنت ,
أنت وكل أم شهيد ,
ويلثم التراب تحت أقدامكن , ويقول لكن:
لقد سرتْ دماء أبنائكن في عروقنا ,
فصار لكن في كل شبر من هذه الأرض إبن وإبنة،
فغدوتن كهذا الوطن أمهات لنا ,
نأوي إلى أعينهن لنستمد القوة , وإلى قلوبهن لنستمد العزيمة , وإلى أرواحهن لنستمد الحياة ,
إليك يا أم الشهيد
إجلالنا , وإكبارنا , وتقديرنا , واحترامنا , وفخرنا , واعتزازنا , وحبنا , ونبع إلهامنا ,
وأعلمي أن أبنائك ، وأبناء أمهات الشهداء،
من الذين هم وحدهم اليوم بخيـــــر.