لم يبق على عيد الأضحى إلا بضعة أيام . خرجت من بيني في إتجاه صلاح الدين. كانت الطريق شبه خالية من المارة . و ما إن إجتزت الشارة الضوئية حتى بدأت الحشود تصطف عبر طوابير طويلة. .على الضفتين تركن السيارات تظللها قمم العمارات التى إستطالت على مساحة نصف هكتار تقريبا.. كانت أنظار المارة كلها في إتجاه الزرائب التي نصبت على حواشي الطريق العام ..وبين الحين والآخر تتبادل الخراف والماعز ثغاء موجعا كأنها أدركت ما آلت إليه... أخيرا بعد سوق البقالة ركنت سيارتي وترجلت بصعوبة وأنا أشق حشدا التف حول زريبة إحتوت خرافا عظيمه.. وذات قرون ملتوية. .كان سيد القطيع يقف في منتصف الجمهرة مزهوا بالذخر الذي عما قريب سيدخل جيب الفرمله التى تدلت أسفل بطنه... كان يرتدي شنة حمراء على غير عادة أهل طرابلس. ..وكان بطنه منتفخ ويدخن بلا إحساس بالمتعة المتوقعة دائما.. وبدى واضحا أن لهجتة تعود لأهل الشرق.. البعيد ...والذي اقترب الأن بماله ورجاله.. بعد أن إزداد الحشد كثافة ظهرت علامات القلق ترتسم على وجه الرجل الذي ناداه أحد الحاضرين بإسم الحاج مراجع ..سمعته يجيب على سؤال أحد الحضور قائلا - هههه هذا صحيح هذه الصبغة التى تراها على أصواف القطيع هي لون التربة فقط - أنا من سكان البيضاء كنت أجلب خرافي لسكان مطروح.. هم مثلنا تماما يحبون التفاخر بالأضاحي.. لكنني هذا العام قررت أن أجلب أضاحي لسكان طرابلس طالما ليس بمقدورهم تربية المواشي بين هذه الدور الشاهقة. .. والمساحات المسطحه حتى الساحة الخضراء أو ميدان الشهداء كما صار إسمه الان - كان أغلب التجار ينتمون إلى مناطق تبعثرت من السهل إلى الصحراء.. ليس من بينهم لقبا طرابلسي واحد عدت أدراجي إلي سيارتي .وأنا أهمس لنفسي لعلي إذا إستقبلت العيد بأضحية مستوردة يستطيع أطفالي أكل اللحم لأكثر من يوم. . وصرت أبصق في الفراغ وأنا ألعن الزمن الذي جعلنا نرى اللحم الوطني ولا نأكله. . ولن ينقضنا من هذه الورطة إلا خراف أسبانيا ورومانيا وإن كنت أظن أن النبي إبراهيم عليه السلام سيغضب مني. ...
على غالب الترهوتي
بقلمي